السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الموقع قيد الإنجاز والتطوير، شكراً لزيارتكم الحوزة العلمية - معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ
معهد الثقلين للدراسات والعلوم الدينية
بيروت - لبنان
للتواصل: تلفاكس: 009611551390

رقم الدرس: 619
عنوان الدرس: الخلع
المدّرس: سماحة آية الله السيد عبد الكريم فضل الله
الحجم: 5.37 Mb
مرات الإستماع: 26

المتن: الموضوع: الخَلع. هل يجب الخلع على الزوج لو تمّ موضوع الخلع في حال بذلت له مقابل الطلاق؟

- معنى كلمة " خفتم".

- معنى كلمة " فلا جناح عليهما" ونقل كلام الطبرسي في الوجه من التثنية.

- الوجه عندنا هو أن المبدأ منها، وقد يلزمه معصية منه، ولذا فالكلام موجه اليهما معا، ولا بد من الخوف في الوقوع في المعصية من جهتها، وقد يلزمه ذلك من جهته وليس شرطا.



نعود لالفاظ الكتاب: " خفتم ": ظاهرة أن الموضوع هو الخوف، أي ما قبل الوقوع في المعاصي، والاحتمال القوي لذلك. "وان خفتم" جمع مخاطب به عموم المؤمنين أو الناس.

والعدول من التثنية إلى الجمع أي بدل أن يقول: " فإن خافا " قال: " فإن خفتم " فالعدول من الشخص إلى المجموع فلعلّ السبب فيه هو اعطاء المسألة صفة عقلائية عامّة أي أن الموضوع هو الخوف العقلائي من أسباب عاديّة لا من قبيل الوسوسة أو الهوس، الخوف من الحالة العامة غير مقبولة في المجتمع من اسباب الخوف المبرر للخوف من الوقوع في المعصية، ولذلك عدل أيضا من الإضمار فقال: " أن لا يقيما حدود الله " ولم يقل: "فان خفتم ذلك".

لاحظ الآية الكريمة وما بعدها فإن فيها تكرارا:﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [1] انتقل من التثنية إلى الجمع في لفظ " يخافا" و "إن خفتم" تكرار اللفظ " إلا ان يخافا" و "فإن خفتم" ، "فخير الكلام ما قل ودل". فقد يقال انه كان الظاهر وكان المفروض أن يقال في البيان: "فإن خفتموه، أو فإن خفتم ذلك. او ان يقال بعد قوله تعالى" إلا ان يخافا الا يقيما حدود الله، وإلا فلا جناح عليهما".

عادة ياتي التكرار للتأكيد كما في الآية: ﴿فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ [2]. لماذا لم يقال "استطعموهم" أو "استطعماهم"، الاتيان بالاسم الظاهر يأتي احيانا تأكيد، أتى بـ "استطعما اهلها" لتركيز العنوان في الذهن.

فهذا التعبير انما يريد به اعادة الامر إلى لبوسه العقلائي "فان خفتم" الخوف يجب ان يكون له مناشئ عقلائية، والانتقال من التثنية إلى الجمع حتى لا تكون مسألة شخصيّة، ولتأكيد هذا الأمر أعاد اللفظ -لفظ المخوف- مرّة ثانية بظاهره، فمن الممكن ان يكون للتأكيد أو لاجل تأكيد المنشأ العقلائي.

أما " فلا جناح عليهما ": ظاهر في نفي البأس، أي في الاباحة، و "لا" نافية للجنس لا ظهور فيه في الوجوب ولا بد للوجوب من دليل آخر كما أستعمل أحيانا كذلك كما في الطواف: ﴿فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [3]، والتعبير عن وجوب الطواف كان بقرائن اخرى.

و " عليهما" تثنية فالاباحة هي للزوج، فيتوجه السؤال: لماذا عبّر بالتثنية؟

في مجمع البيان للطبرسي (ره) وجهان: أحدهما: أن الزوج لو خص بالذكر لأوهم أنها عاصية، وإن كانت الفدية جائزة، فبيّن الإذن لهما في ذلك ليزول الابهام، عن علي بن عيسى.

والاخر: إن المراد به الزوج، وإنما ذكر معه المرأة لاقترانهما كقوله: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ [4] وقوله: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [5] وإنما هو من الملح (المالح) دون العذب، فجاز للاتساع. قال الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن: وهذا أليق بمذهبنا، لأن الذي يبيح الخلع عندنا هو ما لولاه لكانت المرأة عاصية.

وأقول (أي الطبرسي): إن الذي عندي في ذلك أن جواز وقوع العصيان منها هو السبب في إباحة الخلع، ورفع الجناح إنما تعلّق بالخلع لا بأسبابه. والوجه الأول أولى بالاختيار، وأشدّ ملاءمة لظهور الآية، والوجه الأخر مرغوب عنه لعدوله عن سنن الاستقامة، إذ لا يكون الاثنان واحدا في الحقيقة. [6]

أقول: إن الظاهر من التثنية هو الخوف من وقوعهما معا في المعصية، ولعلّ الوجه فيه هو انها المبتدئة في ذلك، لنفورها منه، ثم يكون لازمه ذلك معصية، فهي تبدأ وتقول: "لاوطئن فراشك ..." فلعلّه إذ سمع ذلك بادر إلى شتمها أو ضربها أو فعل بعض المعاصي، وبذلك يكون الاثنان قد عصيا. فموضوع الخلع وهو الخوف من الوقوع في المعصية يبدأ بنفورها وقد يلزمه معصية. نعم، قد لا يلزمه ذلك، فيكفي في ثبوت موضوع الخلع ثبوته من جهة الزوجة، ولا يشترط ثبوته من جهة الزوج، دون العكس.


[1] سورة البقرة، آية 229.

[2] سورة الكهف، آية 77.

[3] سورة البقرة، آية 185.

[4] سورة الكهف، آية 61.

[5] سورة الرحمن آية 22.

[6] مجمع البيان، الشيخ الطبرسي (ره)، ج 2، ص 105.

الأرشيف الكامل للدروس
أصول
فقه
رجال
تواصل معنا على إحدى المنصات التالية


©جميع الحقوق محفوظة
.